السبت، 3 مايو 2008

كانت تظنها حبا




كانت الشمس تهم بالرحيل وموج البحر يداعب صخرة على الشاطئ مزروعة منذ عقودطويلة كأنهما في قصة حب خالدة فالبحر يرسل الموج إليها كرسائل الغرام حتىيلامسها ثم يعود أدراجه وهي ثابتة في مكانها لا تتزحزح مخافة أن يأتي بعدمغادرته ولا يجدها .. حين يلامس سطحها تشعر بأنه يناجيها بأخبار رحلتهوحنينهفبرحلته لامس صخوراً وجبالاً لكنه عاد لها فقط .. وهي تستمتع له بشغف ..عندمايغضب ويهيج تتكسر أمواج غضبه عندها .. فبصبرها تعرف كيف تمتص ذلك الغضب .أوقف سيارته وبثقل ترجل حاملاً همه وحزنه وقف على الشاطئ ليستنشق بعضالهواءالمنعش فقد كان بحاجة لقليل منه .. بل لكثير منه فجميع ما حوله بدأ يخنقهوهوواقف أحس بثقل ما يحمله فتوجه إلى الصخرة ليريح قدميه من حملها .. جلسعليهاومد قدميه حتى لامستا الماء تاركا الموج يهاجمهما .. محاولاً إبعاده عنمعشوقته.. الصخرةوهو يردد بصوت متحشرج " عل الحلوة والمرة مش كنا متعاهدين " كلمات هذهالأغنيةتسطع في مخيلته كقنديل أضاء في عتمة الليل لكن لا لتضيئها بل لتزيد هذهالمخيلةعتمة وظلام .. ظلام الحزن ، وضع يديه على ركبتيه لتتحملا ثقل رأسه الذيأسندهعلى كفيه محاولاً الاختباء مما يهرب منه وهو لا يعلم بأنه بهروبه هذا يلجئلمايهرب منه .. نفسه .يردد ذلك المقطع " عل الحلوة والمرة مش كنا متعاهدين " ..- نعم كنا متعاهدين وكم مرة صرحت بها سأكون معك وحولك في السراء والضراء..سأكون موجوداً للحيلولة بينك وبين الشقاء وسنبقى معاً مهما حصل .. وكم ..وكم.. لكنها الأغاني تبقى .. أغاني .كنت أريد أن أكون معك في الحلو والمر .. في السراء والضراء سرائك وسرائيوضراكأما ضرائي أنا .. فاغفري لي .. لا أستطيع أن أدعك تشاركيني إياه . هنا أحس بضربات الموج ومضايقته له فحمل همه ورحل ليترك البحر ينثر أحاسيسهللصخرة . خرجت من غرفتها حاملة معها صندوق أسرارها ونزلت درجات السلم درجة درجةببطءكمحكوم عليه بالإعدام يتجه إلى المقصلة .. فهذا الطريق يكون من أطول الطرقعلىالمحكوم فخلاله يمر به شريط حياته .. تماما كحالتها فهي متجه إلى النهايةنهاية حياتها .انتهت درجات السلم معلنة بداية نهاية ما بداخلها .. توجهت إلى المدفأةالمشتعلةوبالقرب منها افترشت الأرض نظرت إلى النار وهي مشتعلة وقالت هذه نهايةالخيانة.. فتحت صندوقها .. كان به بضع صور كل منها تحمل على سطحها سنين من حياتهاورسائل اختزنت أحاسيس كانت بالنسبة لها مثل الهواء لا تقرأها بقدر ما كانتتستنشقها ..- كنت بك قوية وسأكون من دونك أقوى .. كنت قوية لكنها قوة كاذبة تماماًكوعودكومشاعرك .. لم تعد موجوداً في حياتي ولا مشاعري فقد خرجت منها وللأبدتماماًكما يخرج السم من الجسد ولن يزيدني ذلك سوى قوة ..مدت يدها إلى الصندوق وأخرجت منها صورة نظرت إليها كانت لها وله وهماجالسانحول طاولة في أحد المطاعم وتلك الورد في الفازة الصغيرة على يمين الطاولةالتيأنتزعها وقتها وقدمها لها فيما بعد وذلك الفنجان الأبيض لابد أنه كانفنجانالقهوة .. فقد كان يحب القهوة .. وابتسمت وهي تقول- كم كنت غبية .. عندما صدقت لكن لاشيء يدوم حتى الغباء تهب رياح العقللتشتتغيومه .نظرت إلى النار وألقت بها إليها ..أخرجت ورقت كانت لرسالة معطرة .. همت برميها فاستوقفتها تلك الجملة .. أنتعطرأيامي .. رفعت نظرها إلى الجملة التي تسبقها مهما جرى ستجديني حولك ..ابتسمتباشمئزاز وقالت :- وأنت عطر الخيانة .. وأنا لا أطيق تلك الرائحة القذرة .. وكيف ستكونحولي وها أنت تخون وتتخلى عن جميع وعودك .. حتى لو كنت حولي أنا سترفضك ..وألقتها في النار وهي تنظر إليها كيف بدأت النار تخترقها من الوسط ومنأطرافهاوكيف تدرجت ألوان تلك الورقة البيضاء ذات السطح الناعم بشكل سريع من اللونالأبيض إلى البني ثم الأسود وبدأت تنكمش وتتناثر أشلائها السوداء في أرجاءالمدفأة .. تماماً كتحول ما بها من كلمات حب تعطر المشاعر إلى معاني الغدر.. وحتى تعجل النهاية حملت الصندوق ونثرت ما به من صور وأوراق فوق النارالمشتعلة.. لتنهي بذلك قصة كانت تظنها حب ..
insight

ليست هناك تعليقات:

The Chakra System and Energy Healing

Zen Meditation Chimes by Buddhahands.com